ويؤكد البحث الجديد بشدة أن لبن الأم لا يشبه أبداً أي لبن على وجه الأرض، بل هناك اختلاف كبير بين الحليب العادي وحليب الأم، ولكن شركات تصنيع الحليب المجفف صورت إنتاجها على أنه يضاهي حليب الأم وهذا الكلام غير صحيح، وهذا القول للدكتور سيرغان.
ويحاول الدكتور سيرغان استغلال هذه الخلايا في علاج الأمراض المستعصية، مثل السكري وغيره، ويؤكد بثقة تامة أن حليب الأم ليس مجرد غذاء، بل يؤثر على الطفل الذي يتناوله، لأنه يستهلك كمية من خلايا مرضعته لتصبح مثل أمه!! ويقول إن اكتشافه هذا سيكون بداية لسلسلة من المفاجآت!
طبعاً الخلايا الجنينية أو الجذعية تتميز بأنها قادرة (بأمر الله) على التطور إلى أنواع مختلفة من الخلايا مثل خلايا الجلد وخلايا الأنسجة وغير ذلك، وبالتالي فإن الطفل الذي يرضع من امرأة، فإن خلايا هذه المرأة تدخل إلى جسده وتتطور إلى أنواع أخرى من الخلايا، أي أنه يكتسب صفات من أمه، لأنه يحمل في جسده خلايا منها تماماً مثل أبنائها والذين سيصبحون مثل إخوته!
ولا ننسى أن حليب الأم يحوي خلايا مناعية وهذه تدخل إلى جوف الطفل وتساهم في بناء نظامه المناعي، وإعادة برمجة هذا النظام، ويؤكد الباحثون أن هناك خلايا أكثر تعقيداً لا تزال مجهولة في حليب الأم ويمكن أن يكون لها أثر كبير على الطفل! ويؤكد هذا العالم بقوة أن حليب الأم يختلف عن الحليب البقري أو المجفف، بل لا يوجد أي تشابه بينهما، وأن حليب البقر أو المجفف هو مجرد غذاء، وأن حليب الأم أكثر من ذلك يكثير، حيث يحوي أعقد أنواع الخلايا، والتي لا توجد في أي حليب آخر! وفي هذا رد على من يسخر من تعاليم القرآن والسنة، ويقول إذا شربنا حليب بقرة فهل تصبح أماً لنا؟! بالطبع لا لأن حليب البقر لا يحوي الخلايا التي اكتشفها العلماء والتي تؤثر على مناعة الجسم وعلى نظام تطور الطفل وعلى بناء أنسجته!
ولو كان الأمر كذلك إذاً لماذا يحذر العلماء من ترك الإرضاع الطبيعي، ونجدهم في كل مؤتمراتهم يؤكدون على أهمية التغذية بحليب الأم (أو أي امرأة المهم أن يكون حليباً بشرياً)؟ فحليب البقر لا يحوي هذه الخلايا وهذه الأجسام المناعية، ولا يحوي مضادات حيوية، ولا يحوي خلايا جنينية، ولو احتوى على ذلك لكان له نفس أثر حليب الأم. ولكن حليب البقر يؤثر على البقر نفسه فيزيد المناعة، وليس على البشر!
ونقول سبحان الله! هذه اعترافات صريحة وواضحة من أحد علماء الغرب، أن حليب الأم ليس مجرد غذاء، بل هو أكثر من ذلك، إنه إعادة بناء لخلايا الطفل بما يتفق مع خلايا المرأة التي أرضعته، وسؤالنا: أليس هذا ما أشار إليه القرآن قبل أربعة عشر قرناً؟
وجه الإعجاز
- إن هذا الاكتشاف يؤكد أن الطفل يكتسب خصائص المرأة التي أرضعته وأبناءها، لأن الخلايا ذاتها (خلايا المرأة المرضعة وأبنائها) تدفقت إلى جسده وأحدثت تغييراً جذرياً. ولذلك قال: (وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [النساء: 23].
- إن اكتساب خصائص جديدة للطفل لا يعني أنه يغير خصائصه الأصلية، فجسده يحوي خلايا أمه الحقيقية، ويحوي خلايا من المرأة التي أرضعته، ولذلك كانت هذه المرضعة بمثابة أم له، ولذلك قال تعالى (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) [النساء: 23]. وهذا سبق علمي للقرآن حيث سمَّى المرضعة بالأم لأنها بالفعل تعطي رضيعها نفس الخلايا التي قدمتها لأبنائها، ونفس الخلايا التي في جسدها.
- يؤكد البحث الجديد أن تأثير حليب الأم يستمر إلى ما بعد البلوغ، وقد يستمر حتى نهاية حياة الإنسان. وبالتالي فإن التغيير الذي حدث في بنية هذا الطفل أو الطفلة يستمر إلى ما بعد زواجه ويورثه لأبنائه، ولذلك يحرم مثلاً الزواج ببنت الأخت من الرضاعة. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسَب) [متفق عليه]. صدقت يا حبيبنا يا رسول الله!
والآن ربما ندرك الحكمة العلمية ولماذا اعتبر القرآن أن المرأة التي ترضع طفلاً تصبح أماً له في الرضاعة، وأبناؤها يصبحون إخوة له في الرضاعة، فالقرآن حريص على سلامتنا وصحتنا وسعادتنا. فكما نعلم زواج الإخوة يؤدي إلى احتمال كبير أن يأتي الجنين مشوهاً، ولذلك حرم الله تعالى زواج الإخوة في الرضاعة، لحمايتنا من أي مشكلة أو خطر أو مرض.
ولكن الملحد طبعاً سيطلب الدليل على ذلك أيضاً، وسيقول: أثبتوا لنا أن زواج الإخوة من الرضاعة له أضرار، ونقول سوف تكشف الأبحاث إن شاء الله صدق كلام الله تعالى عاجلاً أم آجلاً، ولن تكون هناك حجة لملحد على مؤمن، كيف ذلك والله تعالى هو القائل: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: 141].
نماذج من انتقادات الملحدين للإعجاز العلمي والرد عليها
انظروا يا أحبتي كيف ينتقدون معجزات القرآن ويكررون الحجة ذاتها، يطلبون الدليل والمرجع العلمي الغربي، ونريد أن نقول إننا لا ننتظر علماء الغرب حتى يثبتوا لنا صدق كتاب الله وسنة حبيبه عليه الصلاة والسلام، بل مرجعنا هو القرآن والسنة، وما هذه الاكتشافات العلمية إلا وسيلة تزيد إيماننا وخشوعنا أمام هذه المعجزات.
طبعاً لم يتركوا شيئاً إلا وانتقدوه لأن أسهل شيء على الملحد أن يقول لك أين الدليل وأين اسم العالم وأين البحث الذي يثبت صدق هذه المعجزة، ولو اتسع المقام لسردنا كل انتقاداتهم، ولكن لكي لا يمل القارئ نقتصر على بعض النماذج، لنرى كذبهم وضعفهم أمام الحجة والبرهان العلمي. لنرى كيف أنهم ينكرون الحقائق العلمية، ويصورون لنا أنهم يستندون إلى لغة العلم، وهم في الحقيقة أبعد الناس عن المنطق العلمي، إذ كيف يمكن أن أثق بعقل إنسان يعتقد أن كل ما في الكون من خلق وإبداع وإتقان هو من صنع مصادفة عمياء! وبما أنهم لا يقتنعون بكلام الله أو كلام علمائنا، فسوف نترك أقوال علمائهم لترد عليهم!
انتقادهم لمدة الرضاعة
قال بعض المشككين إن المدة التي حددها القرآن للرضاعة وهي حولين كاملين (أي سنتين) غير صحيحة علمياً، لأن الطفل يمكن أن يكفيه سنة مثلاً وهذا أمر يعود للأطباء ولسنا ملزمين بتعاليم القرآن لأنها لا تتفق مع البحث العلمي الحديث.
ونقول يا أحبتي إن كلامهم هذا لا يستند إلى أي بحث علمي بل إن الأطباء بالفعل قالوا ذلك في البداية لكنهم عدلوا عن قولهم بعدما ظهرت لهم حقائق جديدة ويقينية. واليوم يتحدث معظم الأخصائيين في علم تغذية الطفل أن المدة المثالية للإرضاع هي سنتين كاملتين!! وسوف نضع أقوال العلماء بحرفيتها مع المرجع، لكي لا ندع مجالاً للتشكيك بصدق هذه الحقائق العلمية.
فقد عقدت منظمة الصحة العالمية مؤتمراً لها بعنوان "Complementary feeding" عام 2001 وجاء بنتيجته:
The first two years of a child’s life are a critical window during which the foundations for healthy growth and development are built. Infant and young child feeding is a core dimension of care in this period.ومعنى هذا الكلام: "إن السنتين الأوليين من حياة الطفل هما نافذة حرجة يتم خلالهما بناء التأسيسات للنمو والتطور الصحي. إن تغذية الطفل الرضيع هي بعد جوهري للعناية خلال هذه الفترة". ومرجع هذا البحث هو:
Complementary feeding, Report of the global consultation, Geneva, 10-13 December 2001.
ويقول العلماء اليوم بعد تجارب استمرت نصف قرن:
After a child reaches 2 years of age, it is very difficult to reverse stunting that has occurred earlier
وترجمة هذا القول: "بعد أن يبلغ الطفل سنتين من العمر من الصعب جداً أن ينعكس العامل المعيق للنمو والذي كان ممكن الحصول قبل هذه المدة". ومرجع هذا البحث هو:
Kathryn Dewey, GUIDING PRINCIPLES FOR COMPLEMENTARY FEEDING OF THE BREASTFED CHILD, Global Consultation on Complementary Feeding, December 10-13, 2001.كذلك فقد بينت الأبحاث الحديثة أن الإرضاع الطبيعي لمدة 24 شهراً يقي الأم من خطر سرطان المبيض بنسبة الثلث. والمرجع العلمي لهذاالكلام هو:
"Rates and risks of ovarian cancer in subgroups of white women in the United States." Obstet Gynecol 1994 Nov; 84(5): 760-764فهل يوجد أوضح من هذا الكلام في أن المدة المثالية للإرضاع هي حولين كاملين كما قال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة: 233]. فالرضاعة التامة والتغذية الصحيحة لا تكتمل ولا تتم إلا بعد سنتين كاملتين، أليس هذا ما يقوله العلماء اليوم؟
انتقادهم لحديث الذباب
لقد انتقدوا حديث النبي الأعظم عندما قال: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء) [رواه البخاري]. وقالوا: كيف يمكن أن نجد الشفاء في ذبابة، وإن علماء الإعجاز يدعون أن جسد الذبابة يحوي مضادات حيوية، ويستخفون بعقول العامة من المسلمين، فأين هذا البحث وما هو اسم الباحث الذي اكتشف ذلك، وكيف يمكن للعقل أن يتقبل أن الذباب فيه شفاء؟
ولكن يا أحبتي وبعد البحث تبين بالفعل أن علماء الغرب اكتشفوا حديثاً مضادات حيوية على السطح الخارجي للذباب ولا تتحرر إلا بغمسه في السائل، وقالوا إن هذه المضادات من أقوى الأنواع وهي تبشر بعلاج الكثير من الأمراض المستعصية.
فهذا هو البروفسور Juan Alvarez Bravo من جامعة طوكيو، يقول: إن آخر شيء يتقبله الإنسان أن يرى الذباب في المشفى! ولكننا قريباً سوف نشهد علاجاً فعالاً لكثير من الأمراض مستخرج من الذباب، وملخص هذا البحث منشور على موقع Economist
The ointment in the fly: antibiotics, The Economist, December 3, 1994.
ومنذ أشهر قليلة حصل باحثون من جامعة Auburn على براءة اختراع لاكتشافهم بروتين في لعاب الذبابة، هذا البروتين يمكنه أن يسرع التئام الجروح والتشققات الجلدية المزمنة! وهذا البحث نجده على موقع جامعة Auburn :
Protein in Fly Saliva Speeds Healing of Incisions, Wounds, Auburn University, 23 Jan 2005.
وقبل أشهر أعلن الباحثون في جامعة ستانفورد أنها المرة الأولى التي يكتشفون فيها مادة في الذباب يمكنها تقوية النظام المناعي للإنسان! وقد نشروا هذا البحث على موقع جامعة Stanford وهذا هو مرجع البحث:
Fruit Fly Insight Could Lead To New Vaccines, Stanford University, March 11, 2007.
وتقول الباحثة الأسترالية كلارك بالحرف الواحد:
" but we are looking where we believe no-one has looked before,”
أي أننا نبحث عن المضادات الحيوية في مكان (وهو الذباب) لم يكن أحد يتوقعه من قبل، ونجد خبراً علمياً حول هذا البحث على موقع abc يمكن الرجوع إليه:
1 Danny Kingsley , The new buzz on antibiotics, www.abc.net.au, 1 October 2002. وكما تلاحظون يا أحبتي فإن العلماء بالفعل اكتشفوا هذه المضادات الحيوية في الذباب ويحاولون الاستفادة منها في علاج وشفاء الأمراض، وقد وضعت أسماء العلماء والجامعات وتاريخ نشر هذه الأبحاث، وهذه الحقائق تكذب الملحدين والمشككين، فلا أدري كيف سيرد الملحدون على هذه الحقائق الدامغة؟!
انتقادهم للدخان الكوني